تنعكس الانقسامات السياسية على الواقع الثقافي في لبنان حتى بات الأمر يتطلب دق ناقوس الخطر لموضوع المثلية الجنسية حيث تباينت الآراء وظهرت للعلن أبواق تنادي بضرورة تطبيقها عبر تقدم بعض النواب باقتراح قانون يطلب فيه تعديل المادة 534 من قانون العقوبات التي تدين الفعل المثلي كونه مخالف للقانون. لكن أساس الموضوع يتطلب النظر إليه من نواح ثالث أولها قانوني والثاني اجتماعي والثالث ديني.
فمن الناحية القانونية يقوم المشرع بإدراج أو تعديل مادة قانونية تتناسب مع القيم والاعراف كي تكون القدوة أو الرادع للنهي عن فعل ما في سبيل بناء دولة تتماشى مع العصر الآني خاصة في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وما يستوجبه من تعديلات قانونية لمواكبة العصر الحديث، لكن المطالبة بتعديل المادة 534 آثار استغراباً اجتماعياً وأخلافياً كونه لا يستند إلى أي مبرر أو حاجة تستوجب إعادة النظر بالمادة المذكورة. ومن المعلوم والمؤكد أن الاقتراحات والمشاريع القانونية تمر عبر اللجان النيابية التي تقوم بدرسها ومناقشتها قبل عرضها على الهيئة العامة ليصار إلى الإحاطة بها ومعرفة مدى انطباقها على القيم الموجودة في بالدنا وكيفية تطبيقها كي لا تتعارض مع الدستور والتقاليد المعمول بها وفقاً لحاجة المجتمع.
فجاء عرض فيلم "Barbie "وانشغل العالم به، فطلب معالي وزير الثقافة التروي لمشاهدته ليصار إلى اتخاذ القرار المناسب كي لا يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا، فقامت الدنيا ولم تعقد بالحريات واعتبر قراره مساساً وعدم مواكبته للفورة الثقافية المزعومة، وأنه بقراره يخالف الأسس الديمقراطية التي بني عليها لبنان حتى وصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بعرضه في الساحات العامة.
فلو عرض الفيلم منذ سنوات طويلة لكان اعتبر فكاهياً أو من نسج الخيال كونه لا ينطبق على واقع الطبيعة البشرية، فكانت المطالبة بعرضه من دون معرفة اسبابه وأهدافه في الوقت الحاضر وبألوان تلفت نظر الأطفال وتسويقه لفكرة ما بطريقة سلسلة تجعل الموضوع نقطة يمكن الأخذ بها أو مناقشتها مع تسليط الضوء على بعض الدول التي وافقت على عرضه من دون التطرق إلى دول أخرى أسقط فيها مجلس الشيوخ قانون المثلية الجنسية، والتي هي طبعاً من دول الاتحاد الأوربي مثل إيطاليا.
فالأمر ليس منكافة وموضوع المثلية الجنسية خطير جداً يؤدي إلى هلاك المجتمع والخروج عن مبادئ الأخالق والقيم التي نعرفها، فلنترك السياسة والانقسامات بعيدة عن أطفالنا كي لا يدفعوا ثمن التوهم بالحرية ومواكبة منظمات تؤسس لهلاك البشرية بموضوع تراتبي ظهر علينا بعد فيروس كورونا وبعده لا نعلم ما ينتظرنا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تم إشغال العالم بهذا الموضوع؟ ولماذا تغير مفهوم المثلية الجنسية على الصعيد الدولي؟
فقد اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارات سابقة أن هؤلاء الأشخاص هم بحاجة إلى رعاية نفسية واعتبارهم مرضى نفسيين يستوجب عالاجهم كون أفكارهم مخالفة للطبيعة البشرية ثم بدأ التوجه الجنسي موضوعاً للنقاش في المفاوضات حول مشروع عمل بيجين، وذلك في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة عام 1995. فحقوق الفرد مقدسة والعمل على إنشاء أجيال صاعدة متفهمة ومنفتحة لا يكون بالسير و راء أشخاص يخالفون طبيعة البشر القائمة منذ ملايين السنين التي أرادها الله لنا، إنما يكون بالسعي وراء مجتمع صالح تسوده العدالة واحترام الآخر والمحافظة على القيم والعادات من دون الأخذ بأفكار مشبوهة يطبقها الغرب لفترة زمنية ونبقى عليها حتى الهلاك.
أما دينياً فالكنيسة والمسجد يلتقيان عند باب التسامح والعمل الصالح عمال بالكتب السماوية التي تعتبر دستور الحياة فجاءت المثلية الجنسية مخالفة لكل أنواع الشرائع والأديان والمناقشة فيها أمر مرفوض كونها من المحرمات التي تتناقض مع مفهوم الطبيعة البشرية. فالمفارقة مع الزواج المدني أنه ينعكس سلباً على على من أخذ به لكن الشذوذ الجنسي كارثة اجتماعية جماعية تسبب دماراً لمفهوم التكاثر والانجاب.
وهنا يأتي السؤال الأخير أليس من الأجدى بنا التقدم باقتراحات تعزز التلاحم بين اللبنانيين والتلاقي للخروج من الأزمة الحالية في ظل غياب العديد من القوانين التي تنعكس إيجاباً على واقع التطور المتسارع لتسهيل الحياة أمام الأجيال الصاعدة...؟!